درر المشايخ
الأعلام السلفيين
الشيخ عبد
الحميد بن باديس رحمه الله تعالى
الشيخ محمَّد
البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى
الشيخ محمَّد
الطيِّب العقبي رحمه الله تعالى
الشيخ لمبارك
الميلي رحمه الله تعالى
الشيخ العربي
بن بلقاسم التبسي رحمه الله تعالى
الشيخ السعيد
الزاهري رحمه الله تعالى
الشيخ أبو يعلى
الزواوي رحمه الله تعالى
التزام السلفية منجاةٌ من الفُرقة
ولا يقف بالجميع عند حدٍّ
واحد إلَّا دليلٌ واحد، وهو التزام الصحيح الصريح مما كان عليه النبي صلَّى الله
عليه وآله وسلَّم وكان عليه أصحابه، فكلُّ قول يراد به إثبات معنى ديني لم نجده في
كلام أهل ذلك العصر نكون في سعة من رده وطرحه وإماتته وإعدامه، كما وسعهم عدمه،
ولا وسَّع الله على من لم يسعه ما وسعهم، وكذلك كلُّ عقيدة، فلا نقول في ديننا
إلَّا ما قالوا، ولا نعتقد فيه إلَّا ما اعتقدوا ولا نعمل فيه إلَّا ما عملوا،
ونسكت عمَّا سكتوا فيه... ونرى كلَّ فتنة كانت بين الفرق الإسلامية ناشئةً عن
مخالفة هذا الأصل
عبد الحميد بن باديس «مجلَّة الشهاب»
(٥/ ٥٧٠
شرف الانتساب إلى السلفية
وهذه الطائفة السلفية التي
تعد نفسها سعيدة بالنسبة إلى السلف، وأرجو أن تكون ممن عناهم حديث مسلم «لا تزال
طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين يوم القيامة» الحديث، قد وفقوا إلى تقليد
السلف في إنكار الزيادة في الدين، وإنكار ما أحدثه المحدثون وما اخترعه المبطلون
ويَروْن أنه لا أسوة إلَّا برسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أو من أمرنا
بالائتساء به فلمَّا شاركوا السلف وتابعوهم في هذه المزية الإسلامية نَسبُوا
أنفسهم إليهم، ولم يَدَعِّ أحدٌ منهم أنه يدانيهم فيما خصَّهم الله به من الهداية
التي لا مطمع فيها لسواهم
العربي بن بلقاسم التبسي «مجلَّة
الشهاب» (٤/ ١٤٩]
الحذر من الصادين عن العلم
العلمَ العلمَ أيُّها
الشباب، لا يُلهيكم عنه سمسار أحزاب، ينفخ في ميزاب، ولا داعية انتخاب، في المجامع
صخَّاب، ولا يلفتنكم عنه معللٌ بسراب، ولا حاوٍ بجراب، ولا عاوٍ في خراب، يأتم
بغراب، ولا يفتننَّكم عنه مُنزوٍ في خنقه، ولا مُلتوٍ في زنقةٍ، ولا جالس في
ساباط، على بساط، يحاكي فيكم سنة الله في الأسباط، فكل واحد من هؤلاء مشعوذ خلاب
وساحر كذَّاب. إنكم إن أطعتم هؤلاء الغواة، وانصعتم إلى هؤلاء العواة، خسرتم
أنفسكم، وخسركم وطنكم، وستندمون يوم يجني الزارعون ما حصدوا، ولات حين ندم.
[محمَّد
البشير الإبراهيمي «عيون البصائر» (٣٥٠ ـ ٣٥١
إعمال المعاول والمقاول لهدم أضرحة الباطل
يا قوم!! إنَّ الحق فوق
الأشخاص، وإنَّ السنة لا تسمى باسم من أحياها، وإنَّ الوهابيين قوم مسلمون
يشاركونكم في الانتساب إلى الإسلام ويفوقونكم في إقامة شعائره وحدوده، ويفوقون
جميع المسلمين في هذا العصر بواحدة وهي أنهم لا يقرون البدعة، وما ذنبهم إذا
أنكروا ما أنكره كتاب الله وسنة رسوله وتيسر لهم من وسائل الاستطاعة ما قدروا به
على تغيير المنكر؟
أإذا وافقنا طائفة من
المسلمين في شيء معلوم من الدين بالضرورة، وفي تغيير المنكرات الفاشية عندنا
وعندكم ـ والمنكر لا يختلف حكمه بحكم الأوطان ـ تنسبوننا إليهم تحقيرًا
لنا ولهم وازدراءً بنا وبهم، وإن فرَّقت بيننا وبينهم الاعتبارات فنحن مالكيون
برغم أنوفكم، وهم حنبليون برغم أنوفكم، ونحن في الجزائر وهم في الجزيرة، ونحن
نُعمِل في طريق الإصلاح الأقلامَ، وهم يُعمِلون فيها الأقدامَ، وهم يُعْمِلُونَ في
الأضرحة المعاول ونحن نُعْمِلُ في بانيها المقاول
[«آثار
الإمام محمَّد البشير الإبراهيمي» (١/ ١٢٣ ـ ١٢٤)]
من أساليب محاربة دعوة الحق
يقولون عنا أننا وهابيون،
كلمة كثر تردادها في هذه الأيام الأخيرة حتى أَنْسَت ما قبلها من كلمات: عبداويين
وإباضيين وخوارج، فنحن ـ بحمد الله ـ ثابتون في مكان واحد وهو مستقر
الحقِّ، لكن القوم يصبغوننا في كل يوم بصبغة ويَسِمُونَنَا في كل لحظة بِسِمَةٍ،
وهم يتخذون من هذه الأسماء المختلفة أدوات لتنفير العامة منا وإبعادها عنا وأسلحة
يقاتلوننا بها، وكلما كلَّت أداة جاءوا بأداة، ومن طبيعة هذه الأسلحة الكلال وعدم
الغناء، وقد كان آخر طراز من هذه الأسلحة المغلولة التي عرضوها في هذه الأيام كلمة
«وهابي» ولعلهم حشدوا لها ما لم يحشدوا لغيرها وحفلوا بها ما لم يحفلوا بسواها،
ولعلهم كافأوا مبتدعها بلقب مبدع كبير
[«آثار
الإمام محمَّد البشير الإبراهيمي» (١/ ١٢٣ ـ ١٢٤)]
خطر البدع والضلالات
إنَّ شيوع ضلالات العقائد،
وبدع العبادات، والخلاف في الدين هو الذي جرَّ على المسلمين هذا التحلل من الدين،
وهذا البعد من أصليه الأصليين، وهو الذي جرَّدهم من مزاياه وأخلاقه حتى وصلوا إلى
ما نراه، وتلك الخلال من إقرار البدع والضلالات هي التي مهدت السبيل لدخول الإلحاد
على النفوس، وهيأت النفوس لقبول الإلحاد، ومحال أن ينفذ الإلحاد إلى النفوس
المؤمنة، فإن الإيمان حصن حصين للنفوس التي تحمله، ولكن الضلالات والبدع ترمي الجد
بالهويْنا، وترمي الحصانة بالوهن، وترمي الحقيقة بالوهم، فإذا هذه النفوس كالثغور
المفتوحة لكل مهاجم
آثار الإمام محمَّد البشير الإبراهيمي»
(٤/ ٢٠١
جهل المسلمين مِن أسباب العدوان عليهم
وإنَّ أخوفَ ما يخافه
المشفقون على الإسلام جَهْلُ المسلمين لحقائقه وانصرافهم عن هدايته، فإنَّ هذا هو
الذي يُطْمِع الأعداءَ فيه وفيهم، وما يُطْمِع الجارَ الحاسد في الاستيلاء على
كرائم جاره الميِّت إلَّا الوارثُ السفيه
محمَّد البشير الإبراهيمي «جريدة
البصائر» (العدد ١٣، ٢٦ ذي الحجة ١٣٦٦ﻫ/ ١٠-١١-١٩٤٧م
القائد الحقيقي
فإنَّ ممَّا نعلمُه ولا
يخفَى على غيرِنا أنَّ القائد الَّذي يقول للأمَّة: «إنَّكِ مظلومَةٌ في حقوقِكِ،
وإنَّني أريدُ إيصالَكِ إليها»، يجدُ منها ما لا يجدُ مَنْ يقول لها: «إنَّكِ
ضالَّةٌ عن أصولِ دينِك، وإنَّني أريدُ هِدايتكِ»، فذلك تُلبِّيه كلُّها، وهذا
يقاومُه مُعظمُها أو شطرُها
عبد الحميد بن باديس «الصِّراط السَّوي» (العدد
١٥، ٠٨ رمضان ١٣٥٢ﻫ/ ٢٥-١٢-١٩٣٣م
الدين قبل كلِّ شيء
إنَّنا نعتقد ولم نَزَلْ
نعتقد في إيمانٍ وإخلاصٍ بأنَّ الدين وحده هو الذي ينهض بهذه الأمَّة حديثًا كما
نهض بها قديمًا، بالدين فقط نصل إلى حيث نأمل ونبلغ كلَّ ما نرجوه ونتمنَّاه،
والدين هو رأس مالنا الذي لا خسارة معه، ولا ندامة تلحق العاملين به والمعتصمين
بحبله المتين، وإذن فالدين قبل كلِّ شيءٍ
محمَّد الطيِّب العقبي «جريدة الإصلاح»
(العدد ٤٦، ١٨ جمادى الأولى ١٣٦٦ﻫ/ ٠١-٠٤-١٩٤٧م
فضل السلف على الخلف
«أقام
سلفنا الصالح دين الله كما يجب أن يقام، واستقاموا على طريقته أتم استقامة، وكانوا
يقفون عند نصوصه من الكتاب والسنة، ولا يتعدونها ولا يتناولونها بالتأويل، وكانت
أدواتهم لفهم القرآن، روح القرآن، وبيان السنة، ودلالة اللغة والاعتبارات الدينية
العامة، ومن وراء ذلك فطرة سليمة وذوق متمكن ونظر سديد وإخلاص غير مدخول واستبراء
للدين، قد بلغ من نفوسهم غايته، وعزوف عن فتنة الرأي وفتنة التأويل، أدبهم قوله
تعالى:
﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى: ١٣]
وقوله تعالى ﴿فَإِنْ
تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: ٥٩] فكانوا أحرص الناس على وفاق،
وكانوا كلما طاف بهم طائف الخلاف في مسألة دينية بادروه بالرد إلى كتاب الله وإلى
سنة رسوله فانحسم الداء وانجابت الحيرة
[«آثار
الإمام محمَّد البشير الإبراهيمي» (١/ ١٦٤)]
سبب تفرق الأمة
إنَّنا عَلِمْنا حقَّ العلم
ـ بعد التروِّي والتثبُّت، ودراسة أحوال الأمَّة ومناشئ أمراضها ـ أنَّ
هذه الطرق المبتدعة في الإسلام هي سبب تفرُّق المسلمين، لا يستطيع عاقلٌ سَلِم
منها ولم يُبْتَل بأهوائها أن يكابر في هذا أو يدفعه، وعَلِمْنا أنها هي السبب
الأكبر في ضلالهم في الدين والدنيا، ونعلم أنَّ آثارها تختلف في القوَّة والضعف
اختلافًا يسيرًا باختلاف الأقطار، ونعلم أنها أظهر آثارًا وأعراضًا وأشنع صورًا
ومظاهر في هذا القطر الجزائريِّ والأقطار المرتبطة به ارتباطَ الجوار القريب منها
في غيره، لأنها في هذه الأقطار فروعٌ بعضها من بعض، ونعلم أنَّنا حين نقاومها نقاوم
كلَّ شرٍّ، وأنَّنا حين نقضي عليها ـ إن شاء الله ـ نقضي على كلِّ باطلٍ
ومنكرٍ وضلالٍ، ونعلم ـ زيادةً على ذلك ـ أنه لا يتمُّ في الأمَّة
الجزائرية إصلاحٌ في أيِّ فرعٍ من فروع الحياة مع وجود هذه الطرقية المشؤومة، ومع
ما لها من سلطانٍ على الأرواح والأبدان، ومع ما فيها من إفسادٍ للعقول وقتلٍ
للمواهب
[«آثار
الإمام محمَّد البشير الإبراهيمي» (١/ ١٩٠)]
إلباس الحق بالباطل
«تأسس
الإسلام، وتأسس معه التمرد الذي هو عبارة عن عدم الاستسلام، وهو الكفر والجحود
بعينه والعياذ بالله وجاء الإسلام بالإصلاح العام لما أحدثه الأنام فقام المعارضون
ضد المصلحين الحقيقيين الذين هم المرسلون وقالوا لنوح عليه السلام
﴿إِنَّا لَنَرَاكَ فِي
ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾وقالوا لهود عليه السلام
﴿أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ
اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾ وقالوا لمحمد صلى الله
عليه وآله وسلم﴿سَاحِرٌ كَذَّابٌ. أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِدًا إِنَّ
هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾
وهذا الذي وقع لنا معشر
المصلحين المخلصين في هذا العصر كلما نوهنا أو نبهنا إلى خطإ أو فساد في العقائد
والعوائد أو عارضنا المفاسد والمعابد بالباطل أو ذكرنا الملل والنحل التي تفرعت في
الإسلام الذي جاء بالتوحيد قام في وجوهنا فريق من البله الجامدين المغفلين وخرجوا
إلينا بطرا ورئاء الناس أنهم يدافعون عن الأولياء والصاحين فيلبسون الحق بالباطل
ويكتمون الحق وهم يعلمون
[أبو يعلى
الزواوي «الشهاب» (٣/ ٣٥١)]
أهل البدع ساقطون عن رتبة الإمامة
الذين يقتدي بهم الناس مِن
بعدهم هم الذين كانوا يقتدُون بسلفهم الصالح من قبلهم، فالذين أحدثوا في الدين ما
لم يعرفه السلف الصالح لم يقتدوا بمن قبلهم فليسوا أهلاً لأن يقتدي بهم مَن بعدهم،
فكل من اخترع وابتدع في الدين ما لم يعرفه السلف الصالح فهو ساقط عن رتبة الإمامة
فيه».
[ابن باديس «الآثار»
(1/496
أصدق فهم للإسلام
القرآن هو كتاب الإسلام،
السنَّة القولية والفعلية -الصحيحة- تفسيرٌ وبيانٌ للقرآن، سلوك السلف الصالح
-الصحابة والتابعين وأتباع التابعين- تطبيقٌ صحيحٌ لهدي الإسلام، فُهُومُ أئمَّة
السلف الصالح أصدق الفهوم لحقائق الإسلام ونصوص الكتاب والسنَّة
[«آثار ابن
باديس» (٣/ ١٣٢)]
تبليغ الدين فوق أهواء المنحرفين
قال الشيخ
العربي التبسِّي: «وإن تعجب فعجبٌ أمرُ هؤلاء الذين يُريدون مِن علماء الدِّين أن
يُذعنوا لأباطيلهم ويطأطئوا رؤوسَهم أمام عظمة أهوائهم، وما ضمَّتها من عفوناتِ ما
يلقيه الشيطانُ عليهم رغم تعاليم الدين الذي يلعن مَن يكتم مِن الدين المنزَّل على
محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم شيئًا، وكأنَّ هؤلاء لم يعلموا أنَّنا لم نكتب ما
كتَبْنا وما كتبه إخوانُنا مِن أهل الدين والبصيرة النافذة لقضاء شهوةٍ من الشهوات
أو طلبِ دخلٍ من الدخول أو لنيل حظٍّ من الحظوظ، وأنَّ الله يعلم والمسلمين يعلمون
أنه لولا أنَّ الله تعالى أَمَرنا بأن نبلِّغ هذا الدينَ كما أَخَذْناه لا ننقص
ولا نزيد، ولولا أنَّنا نزحزح أنفسَنا عن الذين يكتمون ما أنزل الله من البيِّنات
والهدى ما رضينا لأنفسنا أن نخاطب هذه الهلثاء(١) التي لا
فقه لها، ولكنَّنا سوف نثبت حيث أمرنا الله مستميتين في الدفاع عن الدين ولو
قُطِّعنا إِرَبًا أو رُمي بنا في أَتونٍ(٢) وإن نحن
لقينا ما لقينا فحَسْبُنا:
مَا أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ
دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ».
[«مجلَّة
الشهاب» (٣/ ٢٩٧)]
(١) الهلثاء: الجماعة الكثيرة من
الناس تعلو أصواتها. [انظر: «لسان العرب» لابن منظور (٢/ ١٩٨)].
(٢) الأَتون: بفتح الألف وتشديد
التاء وتخفيفها: الموقد. [انظر: «لسان العرب» لابن منظور (١٣/ ٧)].
التحذير من الحزبية
وأوصيكم بالابتعاد عن هذه
الحزبيات التي نَجَم بالشر ناجِمُها، وهجم ـ ليفتك بالخير والعلم ـ
هاجِمُها، وسَجَم على الوطن بالملح الأجاج ساجِمُها، إنَّ هذه الأحزاب كالميزاب،
جَمَع الماء كدرًا، وفرَّقه هدرًا، فلا الزلالَ جَمَع، ولا الأرض نَفَع
[«الآثار»
لمحمَّد البشير الإبراهيمي (٣/ ٢٦٥)
انتشار الشرك بسبب الاستعمار
وسِرْ ما شئت في جميع
الأوقات، وفي جميع طُرُق المواصلات تَرَ القبابَ البيضاء لائحةً في جميع الثنايا
والآكام ورؤوس الجبال، وسلْ تجدِ القليل منها منسوبًا إلى معروفٍ من أجداد
القبائل، وتجد الأقلَّ مجهولًا، والكثرة منسوبةٌ إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني،
واسأل الحقيقةَ تُجبك عن نفسها بأنَّ الكثير من هذه القباب إنما بناها المعمِّرون
الأوربيون في أطراف مزارعهم الواسعة، بعد ما عرفوا افتتانَ هؤلاء المجانين بالقباب
واحترامَهم لها، وتقديسَهم للشيخ عبد القادر الجيلاني، فعلوا ذلك لحماية مزارعهم
من السرقة والإتلاف، فكلُّ معمِّرٍ يَبني قبَّةً أو قبَّتين من هذا النوع يأمن على
مزارعه السرقةَ ويستغني عن الحرَّاس ونفقات الحراسة، ثمَّ يترك لهؤلاء العميان
ـ الذين خسروا دينَهم ودنياهم ـ إقامةَ المواسم عليها في كلِّ سنةٍ،
وإنفاقَ النفقات الطائلة في النذور لها وتعاهُدها بالتبييض والإصلاح، وقد يحضر
المعمِّر معهم الزردة، ويشاركهم في ذبح القرابين، ليقولوا عنه إنه محبٌّ في
الأولياء خادمٌ لهم، حتى إذا تمكَّن من غرس هذه العقيدة في نفوسهم راغ عليهم نزعًا
للأرض من أيديهم، وإجلاءً لهم عنها، وبهذه الوسيلة الشيطانية استولى المعمِّرون
على تلك الأراضي الخصبة التي أحالوها إلى جنَّاتٍ، زيادةً على الوسائل الكثيرة
التي انتزعوا بها الأرضَ من أهلها
[«آثار محمد
البشير الإبراهيمي» (٣/ ٣٢١)
السلفية دعوة حقٍّ
قال السعيد الزاهري ـ رحمه الله ـ (عضو إداري لجمعية العلماء
المسلمين الجزائريين) في ردِّه على وزير المعارف بالمغرب الأقصى آنذاك: «بقي شيءٌ
واحدٌ وهو قول الوزير: «إنَّ مؤسِّس هذا المذهب هو شيخ الإسلام ابن تيمية، واشتهر
به ابن عبد الوهَّاب»، والواقع أنَّ مؤسِّس هذا المذهب ليس هو ابن تيمية ولا ابن
عبد الوهَّاب، ولا الإمام أحمد ولا غيره من الأئمَّة والعلماء، وإنما مؤسِّسه هو
خاتم النبيِّين سيِّدنا محمَّد بن عبد الله صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم، على أنه
في الحقيقة ليس مذهبًا، بل هو دعوةٌ إلى الرجوع إلى السنَّة النبوية الشريفة، وإلى
التمسُّك بالقرآن الكريم، وليس هنا شيءٌ آخر غير هذا».
[«مجلَّة
الصراط السوي» (العدد: ٥/ ٥)، الصادرة في: ٢٦ جمادى الثانية ١٣٥٢ﻫ/ ١٦ أكتوبر
١٩٣٣م]
تصحيح العقائد والأعمال رأس المال في
الدين
أمَّا رأس المال في الدين
فهو تصحيح العقائد، وتصحيح العبادات، وتصحيح الأخلاق الصالحة، واتِّباع سنَّة
نبيِّنا صلَّى الله عليه وسلَّم في كلِّ ما فعل وترك، والمحافظة عليها
والانتصار لها، ونبذ البدع المخالفة لها، ثمَّ صرفُ الوقت الزائد على ذلك في
الأعمال النافعة في الدنيا، فإنَّ الله لا يرضى لعبده المؤمن أن يكون ذليلًا
حقيرًا، وإنما يرضى له بعد الإيمان الصحيح أن يكون عزيزًا شريفًا عاملًا لدينه
ودنياه، معينًا لإخوانه على الخير، ناصحًا لهم، آخذًا بيد ضعيفهم، محسنًا لهم بيده
ولسانه وبجاهه وماله. فصحِّحوا عقائدكم في الله، واعلموا أنه واحدٌ أحدٌ، فردٌ
صمدٌ، لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، هو المتفرد بالخلق والرزق
والإعطاء والمنع والضرِّ والنفع. فأخلِصوا له الدعاء والعبادة، ولا تدعوا معه أحدًا ولا من دونه أحدًا،
وطهِّروا أنفسكم وعقولكم من هذه العقائد الباطلة الرائجة بين المسلمين اليوم،
فإنها أهلكتهم وأضلَّتهم عن سواء السبيل، وإيَّاكم والبِدعَ في الدين فإنها
مُفسدةٌ له، وكلُّ ما خالف السنَّةَ الثابتة عن نبيِّنا صلَّى الله عليه وسلَّم
فهو بدعةٌ. وصحِّحوا عباداتِكم بمعرفة أحكامها وشروطها ومعرفة ما هو مشروعٌ وما هو
غير مشروعٍ، فإنَّ الله تعالى لا يقبل منكم إلَّا ما شرعه لكم على لسان نبيِّه
صلَّى الله عليه وسلَّم».
[«آثار
البشير» الإبراهيمي (١/ ٤٠٦)]
من أوليات الداعية الصادق التحذير من
الشرك
لعلك لا تجد في عيوب النفس
ونقائص الإِنسان ما يضاهي الشرك في اقتضاء طبع المتدين له، وخفاء مساربه إلى نفسه،
ودفاع المتأولين عنه؛ فكان لزاماً على من يهتم لسعادته في الدار الباقية أن يعترف
بحاجته الشديدة إلى معرفة الشرك ومظاهره، وأن يعتني كل الاعتناء بالبحث عن كل
ذريعة إلى هذا الداء؛ ليتقيه أيما اتقاء، فلا يسري إلى جنانه، ولا يعلق بلسانه،
ولا يظهر على شيء من أركانه، وكان من آيات المرشد النصوح وأخص مظاهر نصحه أن يجعل
أولى ما يتقدم به إلى العامة وأول ما يقرع به أسماعهم التحذير من الشرك ومظاهره،
وبيان مدلوله وأنواعه، ثم الصبر على ما يلحقه لذلك من أذى جاهل متحمس، ومغرض
متعصب، وضال متأول
[المبارك
الميلي «الشرك ومظاهره» (٤٤)]
حقيقة الابتداع وخطره
مِن أبين المخالفة عن أمره
وأقبحها، الزيادةُ في العبادة التي تعبَّد لله بها على ما مضى من سنَّته فيها،
وإحداثُ محدثاتٍ على وجه العبادة في مواطنَ مرَّت عليه ولم يتعبَّد بمثل ذلك
المحدَث فيها، وكلا هذين زيادةٌ وإحداثٌ وابتداعٌ مذمومٌ، يكون مرتكبُه كمن يرى
أنه اهتدى إلى طاعةٍ لم يهتدِ إليها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وسبقَ إلى
فضيلةٍ قَصُر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عنها، وكفى بهذا وحده فتنةً
وبلاءً، دع ما يجرُّ إليه من بلايا أُخرى».
[آثار ابن باديس»
(١/ ٣٧٥)
تشنيع الشانئين على دعوة المصلحين
إذا كان الاحتياج إلى معرفة
الشرك شديدًا كان تعريف الناس به أمرًا لازمًا أكيدًا، وإذا كان الباعث على هذا التعريف
إقامة العقيدة فهو من النصيحة المفيدة الحميدة، وليس الإرشاد إلى الخير النافع
بأَوْلى من التنبيه على الباطل الضارِّ، بل كلاهما غرضٌ حسنٌ وسَننٌ، لا يُعدل عنه
الساعون في خير سُننٍ، وهذا ما حمل المصلحين المجدِّدين على الاهتمام بدعوة
المسلمين إلى إقامة التوحيد وتخليصه من خيالات المشركين. وما رفَعْنا صوتنا بتلك
الدعوة حتى ثارت علينا زوابعُ ممَّن سلكوا للشرك كلَّ الذرائع، وشوَّهوا للعامَّة
غرضنا الحميد بما يجدون الجزاء عنه يوم الوعيد، ومِن أقوى ما لبَّسوا به على
العموم ومدُّوا به صخب الخصوم: رميُهم لنا بأنَّا نحكم على المسلمين بحكم المشركين، ثمَّ ينتصبون
للدفاع محافظةً على غفلة الأتباع الذين ينتفعون منهم بكلِّ وجوه الانتفاع، ولكنَّ
قذف الله بالحقِّ على الباطل بعيدُ الأثر، وسنَّتَه في ظهور المصلحين على
المعاندين قديمةٌ في البشر
[«الشرك
ومظاهره» لمبارك الميلي (٥١)]
بين الصدق والادعاء في محبة النبي صلى
اللهُ عليه وآله وسَلَّم
الحبُّ الصحيح لمحمَّد
صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم هو الذي يَدُعُّ صاحبَه عن البدع، ويحملُه على
الاقتداء الصحيح، كما كان السلف يحبُّونه، فيحبُّون سُنَّته، ويَذُودون عن شريعته
ودينه، من غير أن يقيموا له الموالد، وينفقُوا منها الأموال الطائلة التي تفتقر
المصالحُ العامَّةُ إلى القليل منها فلا تَجدُه».
[«آثار
الإمام محمَّد البشير الإبراهيمي» (٢/ ١٣٢)]
مهمَّة العالم الدينيِّ وموقفه
واجب العالم الدينيِّ أن
يَنْشَطَ إلى الهداية كلَّما نشط الضلالُ، وأن يسارع إلى نصرة الحقِّ كلَّما رأى
الباطلَ يصارعه، وأن يحارب البدعةَ والشرَّ والفساد قبل أن تمدَّ مدَّها وتبلغ
أشُدَّها، وقبل أن يتعوَّدها الناسُ فترسخَ جذورُها في النفوس ويعسر اقتلاعُها.
وواجبه أن ينغمس في الصفوف مجاهدًا ولا يكونَ مع الخوالف والقَعَدة، وأن يفعل ما
يفعله الأطبَّاءُ الناصحون من غشيان مواطن المرض لإنقاذ الناس منه، وأن يغشى
مجامعَ الشرور لا ليركبها مع الراكبين بل ليفرِّق اجتماعَهم عليها
آثار الإمام محمَّد البشير الإبراهيمي»
(٤/ ١١٧
من نصائح الشيخ ابن باديس
واحذرْ كلَّ «متريبطٍ» يريد
أن يقف بينك وبين ربِّك، ويسيطر على عقلك وقلبك وجسمك ومالِك بقوَّةٍ يزعم
التصرُّفَ بها في الكون، فربُّك يقول لك إذا سألتَ عنه: ﴿فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ الآية، ويقول لك: ﴿أَلَا
لَهُ الخلْقُ وَالأَمْرُ﴾، وأنَّ أولياء الله الصالحين بعيدون عن كلِّ تظاهُرٍ ودعوى،
مُتَحَلُّون بالزهد والتواضع والتقوى، يعرفهم المؤمن بنور الإيمان، وبهذا الميزان،
واحذرْ كلَّ دجَّالٍ يتاجر بالرُّقى والطلاسم، ويتَّخذ آياتِ القرآنِ وأسماءَ
الرحمن هُزُؤًا، يستعملونها في التمويه والتضليل، و«القيادة» و«التفريق» ويُرفقونها
بعقاقيرَ سُمِّيَّةٍ فيُهلكون العقول والأبدان
عبد الحميد
بن باديس «الشهاب» (٢/ ٢٤٠ ـ ٢٤١
سبب الجهل بعقائد الإسلام
أدلَّة العقائد مبسوطةٌ
كلُّها في القرآن العظيم بغاية البيان ونهاية التيسير، ... فحقٌّ على أهل العلم أن
يقوموا بتعليم العامَّة لعقائدها الدينيَّة، وأدلَّةِ تلك العقائد من القرآن
العظيم، إذ يجب على كلِّ مكلَّفٍ أن يكون في كلِّ عقيدة من عقائده الدينية على
علم، ولن يجد العامِّيُّ الأدلَّة لعقائده سهلةً قريبةً إلَّا في كتاب الله، فهو
الذي يجب على أهل العلم أن يرجعوا إليه في تعليم العقائد للمسلمين، أمَّا الإعراض
عن أدلَّة القرآن والذهاب مع أدلَّة المتكلِّمين الصعبة ذات العبارة الاصطلاحية؛
فإنَّه من الهجر لكتاب الله، وتصعيب طريقة العلم على عباده وهم في أشدِّ الحاجة
إليه، وقد كان من نتيجته ما نراه اليوم في عامَّة المسلمين من الجهل بعقائد
الإسلام وحقائقه».
[آثار ابن باديس» (١/ ٢٧٢
المخرج من الفتنة
لا نجاةَ لنا من هذا التِّيه
الذي نحن فيه، والعذاب المنوَّع الذي نذوقه ونقاسيه، إلَّا بالرجوع إلى القرآن:
إلى علمه وهديه، وبناءِ العقائد والأحكام والآداب عليه، والتفقُّه فيه وفي
السُّنَّة النبويَّة وشرحه وبيانه، والاستعانة على ذلك بإخلاص القصد وصحَّة الفهم،
والاعتضاد بأنظار العلماء الراسخين والاهتداء بهديهم في الفهم عن ربِّ العالمين
[«مجالس
التذكير من كلام الحكيم الخبير» لابن باديس (٢٥٢)]
ذمُّ علم الكلام
نحن ـ معشرَ
المسلمين ـ قد كان مِنَّا للقرآن العظيم هجرٌ كثيرٌ في الزمان الطويل وإن كنَّا
به مؤمنين، بَسَط القرآنُ عقائدَ الإيمان كلَّها بأدلَّتها العقلية القريبة
القاطعة، فهجرْناها وقلنا تلك أدلَّةٌ سمعيةٌ لا تحصِّل اليقينَ، فأخَذْنا في
الطرائق الكلامية المعقَّدة، وإشكالاتها المتعدِّدة، واصطلاحاتها المحدثة، مِمَّا
يصعب أمْرَها على الطلبة فضلًا عن العامَّة».
[«مجالس
التذكير من كلام الحكيم الخبير» لابن باديس (٢٥٠)
ألا بذكر الله تطمئن القلوب
قلوبنا معرَّضةٌ لخطرات
الوسواس، بل للأوهام والشكوك، فالذي يثبِّتها ويدفع عنها الاضطرابَ ويربطها
باليقين هو القرآن العظيم، ولقد ذهب قومٌ مع تشكيكات الفلاسفة وفروضهم، ومُماحكات
المتكلِّمين ومناقضاتهم، فما ازدادوا إلَّا شكًّا، وما ازدادت قلوبهم إلَّا مرضًا،
حتَّى رجع كثيرٌ منهم في أواخر أيَّامهم إلى عقائد القرآن وأدلَّة القرآن، فشُفُوا
بعدما كادوا، كإمام الحرمين والفخر الرازي
[«مجالس
التذكير من كلام الحكيم الخبير» لابن باديس (٢٥٧)]
أثر التقليد العام على الأمة الإسلامية
كما أُدخِلَت على مذهب أهل
العلم بدعة التقليد العامِّ الجامد التي أماتت الأفكار، وحالت بين طلَّاب العلم
وبين السُّنَّة والكتاب، وصيَّرتْها في زعم قوم غير محتاجٍ إليهما من نهاية القرن
الرابع إلى قيام الساعة، لا في فقهٍ ولا استنباطٍ ولا تشريعٍ، استغناءً عنهما
زعموا بكتب الفروع من المتون والمختصرات، فأعرض الطلَّاب عن التفقُّه في الكتاب
والسنَّة وكتب الأئمَّة، وصارت معانيها الظاهرة، بَلْهَ الخفيَّة مجهولةً حتَّى
عند كبار المتصدِّرين
آثار عبد الحميد ابن باديس» (٥/ ٣٨
نصيحة نافعة ووصية جامعة
اعلموا
جعلكم الله من وعاة العلم، ورزقكم حلاوة الإدراك والفهم، وجمَّلكم بعزَّة
الاتِّباع، وجنَّبكم ذلَّة الابتداع، أنَّ الواجب على كلِّ مسلمٍ في كلِّ مكانٍ
وزمانٍ أن يعتقد عقدًا يتشرَّبه قلبه وتسكن له نفسه وينشرح له صدره، ويلهج به
لسانه، وتنبني عليه أعماله، أنَّ دين الله تعالى من عقائد الإيمان، وقواعد
الإسلام، وطرائق الإحسان إنما هو في القرآن والسنَّة الثابتة الصحيحة وعمل السلف
الصالح من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، وأنَّ كلَّ ما خرج عن هذه الأصول،
ولم يحظ لديها بالقبول ـ قولًا كان أو عملًا أو عقدًا أو احتمالًا ـ
فإنه باطلٌ من أصله، مردودٌ على صاحبه، كائنًا من كان في كلِّ زمانٍ ومكانٍ،
فاحفظوها واعملوا بها تهتدوا وترشدوا إن شاء الله تعالى، فقد تضافرتْ عليها
الأدلَّة من الكتاب والسنَّة، وأقوال أساطين الملَّة من علماء الأمصار، وأئمَّة
الأقطار، وشيوخ الزهد الأخيار، وهي لَعَمْرُ الحقِّ لا يقبلها إلَّا أهل الدين
والإيمان، ولا يردُّها إلَّا أهل الزيغ والبهتان
[«آثار
الإمام ابن باديس» (٣/ ٢٢٢)]
التعليم السنيُّ السلفيُّ
«وقال
الإمام ابن حزمٍ في كتاب «الإحكام» ـ وهو يتحدَّث عن السلف الصالح كيف كانوا
يتعلَّمون الدين ـ: «كان أهل هذه القرون الفاضلة المحمودة ـ يعني القرون
الثلاثة ـ يطلبون حديث النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم والفقه في
القرآن، ويرحلون في ذلك إلى البلاد، فإن وجدوا حديثًا عنه عليه السلام عملوا به
واعتقدوه»، ومَن راجع كتاب العلم من «صحيح البخاريِّ» ووقف على كتاب «جامع العلم»
للإمام ابن عبد البرِّ ـ عصريِّ ابن حزمٍ وبلديِّه وصديقه ـ عرف مِن
الشواهد على سيرتهم تلك شيئًا كثيرًا.
هذا هو التعليم الدينيُّ
السنيُّ السلفيُّ، فأين منه تعليمُنا نحن اليومَ وقبل اليوم، بل منذ قرونٍ وقرونٍ؟
[«آثار الإمام ابن باديس» (٤/ ٧٨
أساس الإصلاح
لن يصلح المسلمون حتَّى يصلح
علماؤهم، فإنما العلماء مِن الأمَّة بمثابة القلب، إذا صلح صلح الجسدُ كلُّه، وإذا
فسد فسد الجسدُ كلُّه، وصلاحُ المسلمين إنما هو بفقههم الإسلامَ وعملِهم به، وإنما
يصل إليهم هذا على يد علمائهم، فإذا كان علماؤهم أهلَ جمودٍ في العلم وابتداعٍ في
العمل فكذلك المسلمون يكونون، فإذا أرَدْنا إصلاحَ المسلمين فلنُصْلِحْ علماءَهم.
ولن يصلح العلماء إلَّا إذا
صلح تعليمُهم، فالتعليم هو الذي يطبع المتعلِّمَ بالطابع الذي يكون عليه في مستقبل
حياته وما يستقبل مِن عمله لنفسه وغيره، فإذا أرَدْنا أن نُصلح العلماءَ
فلْنُصْلِحِ التعليم، ونعني بالتعليم التعليمَ الذي يكون به المسلم عالمًا من
علماء الإسلام يأخذ عنه الناس دينَهم ويقتدون به فيه.
ولن يصلح هذا التعليم إلَّا
إذا رجَعْنا به للتعليم النبويِّ في شكله وموضوعه، في مادَّته وصورته، فيما كان
يعلِّم صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وفي صورة تعليمه».
[«آثار
الإمام ابن باديس» لابن باديس (٤/ ٧٨)]
منقول من موقع
الشيح علي فركوس
حفظه
الله تعالى