أحدث المواضيع

الاثنين، 10 يونيو 2019

محمد #راتب_النابلسي الصوفي


 محمد #راتب_النابلسي الصوفي


 

محمد راتب النابلسي الصوفي  يتجرأ على الله ويقول  - لو عرفوك يا الله ما عبدوك. - ويقول - ما في الجبة إلا الله  هداه الله  


محمد راتب النابلسي يدعو الى أخوة الأديان وحرية الأديان -




النابلسي يتملق لإيران ويمدح تصديرها الثورة الخمينية -

النابلسي قبل الثورة يحتفل بالمولد النبوي بحضور بشار ونجاد ويتوسل ببطولة الشابات... -



الصوفي محمد راتب النابلسي يعتقد أن (هوهوهو) اسم من أسماء الله



الرد على محمد راتب النابلسي في تجويزه الاحتفال بالمولد النبوي



تحذير أولي الألباب من مخالفات محمد راتب النابلسيّ للسّنة والكتاب 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ،أما بعد :
فإن الردّ على أهل البدع وبيان باطلهم وانحرافهم والتحذير منهم أصل أصيل ، وركن ركين من أصول الدين ,وذلك بالضّوابط الشرعية ، والحدود المرعية ، فالردّ على المخالفين سواء أكانوا من الكافرين ،أو المبتدعة والمنافقين، أو غيرهم من الضالين المنحرفين ،نوع من الجهاد في سبيل الله تعالى ، بل هو أفضل من الذبّ بالسيوف في سبيله تعالى ، وهو من أفضل القربات وأعظم الطاعات[1].
قال يحيى بن يحيى شيخ البخاري ومسلم : الذّبُّ عن السُّنّة أفضلُ من الجهاد في سبيل الله، وقال محمد بن يحيى الذهلي: قلتُ ليحيى: الرجلُ ينفِقُ مالَه ويُتْعِبُ نفسَه ويجاهد، فهذا أفضلُ منه؟! قال: نعم بكثير!.
وقال الحميدي شيخ البخاري : والله ! لأن أغزو هؤلاء الذين يَرُدُّون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبُّ إلي من أن أغزو عِدَّتهم من الأتراك"، يعني بالأتراك: الكفار.[2]
وقال ابن هبيرة -في حديث أبي سعيد رضي الله عنه في قتال الخوارج- : وفي الحديث أن قتال الخوارج أولى من قتال المشركين؛ والحكمة فيه أن قتالهم حفظ رأس مال الإسلام، وفي قتال أهل الشرك طلب الربح؛ وحفظ رأس المال أولى.[3]
قال أبو عبيد القاسم بن سلاّم: " المتبع للسنة كالقابض على الجمر، وهو اليوم عندي أفضل من الضرب بالسيوف في سبيل الله.[4].
وقال ابن القيم رحمه الله: والجهاد بالحجة واللسان مقدَّم على الجهاد بالسّيف والسّنان.[5]
وهو من أهمّ أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
والآيات والأحاديث في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة جدا ، وما ذاك إلا لأهميّته وشدّة الحاجة إليه.
وهو من باب القيام بما أوجب الله على أهل العلم ، وهومن أهمّ أبواب النصيحة للإسلام والمسلمين ،ففيه إظهار للسنّة، وتحذير من البدعة والمبتدعة، وقضاء على الفتنة، واستبانة سبيل المجرمين.
والردّ على المخالفين لا يكون عملا صالحا مقبولا إلا إذا أريد به وجه الله تعالى ،وبيان الحق وإظهاره ، ورحمة الخلق وهدايتهم ، قال أبو صالح الفراء: حكيت ليوسف بن أسباط عن وكيع شيئاً من أمر الفتن فقال: ذاك يشبه أستاذه - يعني: الحسن بن حي-، فقلت ليوسف: ما تخاف أن تكون هذه غيبة؟ فقال: لم يا أحمق أنا خير لهؤلاء من آبائهم وأمهاتهم أنا أنهى الناس أن يعملوا بما أحدثوا فتتبعهم أوزارهم ومن أطراهم كان أضرّ عليهم[6].
وقال ابن تيمية - رحمه الله -:ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبارات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحبّ إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل.
فبيّن رحمه الله أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله، إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب، فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداءً.[7]
وهذه الحلقة الأولى في بيان بعض ضلالات وانحرافات محمد راتب النابلسي الذي كثر شرّه، وانتشر ضلاله وبالأخصّ عبر القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي ، وسنبيّن في هذه الحلقة والتي تليها بمشيئة الله من الحلقات أنه على عقيدة باطلة ونحلة فاجرة ، وأنه قد جانب الصواب في غير ما مسألة ، عقدية ومنهجية ،منها :
أنه على عقيدة التفويض التي هي من أخبث وأشرّ مايكون مما قاله واعتقده أهل البدع والإلحاد كما قاله شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله[8]، وغيرها من انحرافاته وضلالاته ،والله المستعان ،وعليه التكلان ،ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.
فأقول بالله مستعينا :
قال محمد راتب النابلسي عفا الله عنه كما في "موقعه": "وجاء ربك
كيف:
يد الله فوق أيديهم كيف :
(( إذا كان ثلث الليل الأخير نزل ربكم إلى السماء الدنيا )) ؟
هذه الآيات المتعلِّقة بذات الله عزَّ وجل ذهب فيها العلماء أربعةَ مذاهب، مذهبان من مُعْتقد أهل السنة والجماعة، ومذهبان باطلان.
المذهب الأول: التفويض:
فالمذهب الأول هو التفويض، الآيات المتعلقة بذات الله نُفَوِّض تفسيرها إلى الله، وهذا أسلم مذهب".
وقال أيضا : (( فهناك من أنْكر الصِّفات، وعُرفوا بالمُعَطِّلة، وهناك من جَسَّدها وهم المُشَبِّهَة، وهناك من فَوَّضَ تفْسيرها إلى الله عز وجل، وهناك من أوَّلها تأويلاً يليق بِكَماله.
في الحقيقة نحن مع الفريقين الأخِيريْن، الذين فَوَّضوا، والذين أوَّلوا، وربَّما كُنَّا بِحاجَة إلى التأويل، فإذا قلنا: إنّ الله سميعٌ، أي يعْلم ما تقول، وبصير يعلم ما تفْعل، وإذا قلنا: يدُ الله، أي قُدْرَتُه، وإذا قلنا: وجاء ربّك، أي وجاء أمْر ربِّك، وهكذا نُؤوِّل بما يليق بِكمال الله تعالى، أو نُفَوِّض حيث نقول: هذه الآية نُفَوِّضُ تأويلها إلى الله تعالى، نحن آمنَّا بالله عز وجل، والله تعالى أخْبَرَنا أنَّ لهُ سمْعاً وبَصَراً، نُفَوِّض إلى الله آية السَّمْع والبصر، أو أنَّنا نُفَسِّرهما بما يليق بالله عز وجل)).[9] اهـ
وقال عفا الله عنه :"أنا يا رب أفوضك بمعنى أن يدك فوق أيديهم.
أيها الإخوة، الآيات القليلة التي تتحدث عن ذات الله أكمل موقف في تفسيرها التفويض، وقد يليه التأويل، يد الله قدرته، ﴿وَجَاء رَبُّكَ﴾ جاء أمره....
﴿اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾، المعنى المألوف، ﴿قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ﴾، العرش سرير الملك، أما العرش الذي أراده الله في هذه الآية الله أعلم به، لعله الكون بأكمله، كان الله ولم يكن معه شيء، فخلق الخلق، لعل العرش تمام التمكن، تمام كل شيء،".
وقال عفا الله عنه :"فالصفات المتعلقة بالذات الإلهية ممنوع أن تلغيها ، وممنوع أن تجسدها ، وينبغي أن تفوض ، أو أن تؤوّل ، التأويل : موقف مقبول أحياناً ، أما التفويض : فأكمل ، أنا أفوض الله في معنى سمعه ، ومعنى بصره ، ومعنى :
﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ ﴾
كيف يجيء ؟
ومعنى : ﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾
أنا أفوض معاني هذه الصفات التي وصف الله بها نفسه إلى ذات الله ، وهو أكمل موقف إيماني ".
وقال عفا الله : "كيف أنه يأتي:
﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ ﴾
[ سورة الفجر: 22 ]
وكيف أن:
﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾
[ سورة الفتح: 10 ]
وكيف أنه:
﴿ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾
[ سورة المائدة: 116]
آياتٌ لا تزيد عن أصابع اليد متعلقةٌ بذات الله تعالى، أسلم تفسير أن نَكِلَ أمرها إلى الله، فالاستواء معلوم والكيف مجهول، وهناك من أوَّلها تأويلاً يليق بكمال الله، والأوْلى أن نفوِّض".

قلت : أولا :
من معتقد أهل السنة والجماعة الفرقة الناجية والطائفة المنصورة في أسماء الله تعالى وصفاته أنهم يثبتون لله تعالى ما أثبت لنفسه في كتابه العزيز، و ما أثبت له رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم في سنّته المطهّرة من الأسماء الحسنى والصفات العلا من غير تحريف ،ولا تعطيل ،ولا تكييف ،ولا تمثيل، وقولهم في ذلك كما أخبر عن نفسه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ] (الشورى: 11] ، و قولهم في ذلك أيضا قول أئمة الهدى من الصحب الكرام وأئمة الإسلام والأعلام فطوبى لمن بهديهم قد اهتدى.
ويثبتون معاني الأسماء والصفات ويؤمنون بها ،ويفوضون الكيفية أي: يثبتون الألفاظ ومعانيها التي دلت عليه ، ويفوضون العلم بكيفية ذات الله سبحانه.
فنؤمن بأن الله جل في علاه له عينين وله يدين وله ساق ونحو ذلك من صفات الجلال والكمال ، وهكذا أيضا مستو على عرشه ، استواء حقيقيا يليق بجلاله سبحانه ،وقد بلغت عشرات بل المئات الأدلة على علوّه سبحانه ، وهذا الاستواء ليس كاستواء البشر أو غيرهم من المخلوقات.
ولكن كيفية الاستواء مجهولة بالنسبة لنا ؛ لأن الله استأثر علمها عنده سبحانه، فأخبرنا أنه مستو على عرشه جل جلاله ولم يخبرنا كيف استوى عليه ، فإننا نفوّض الكيفية إلى الله تعالى ،ونؤمن بالمعنى ، ولنقف حيث وقف السّلف ،ولا نزد على ذلك ،ولا نحِد عما كانوا عليه من المعتقد ، وليسعنا ما وسعهم، كما قال الإمام مالك[10]رحمه الله وغيره من أئمة الإسلام لما سئل عن الاستواء : "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب ،والسؤال عنه بدعة"
فقوله: "الاستواء معلوم"، أي: العرب تعرف وتدرك معنى ذلك، وهو الذي بمعنى علا وارتفع ،كما جاء في صحيح البخاري عن أبي العالية رحمه الله ، وهو دليل على عدم تفويض السلف لأصل المعنى، كما هي عقيدة شرّ أهل البدع والضلال ، وإنما فوّضوا العلم بكيفية الاستواء وهكذا في بافي الصفات ، ولهذا قال : " والكيف مجهول ،أي: تفويض الكيفية لا المعنى.
وقوله: "والايمان به واجب" : لأنه دلّ عليه كتاب الله وهكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله :"والسؤال عنه بدعة" : أي: لم يسأل أحد عن كيفيّة صفات الله تعالى لا في زمن النبوّة ولا في أيام وجود الصحب الكرام رضي الله عنهم ،بل حتى كفار قريش على كفرهم وشركهم لم يعارضوا النبي صلى الله عليه وسلم في شيء من الأسماء والصفات ، بل أقروا بذلك الا اسما وهو :"الرحمن"،لأنهم لا يعرفون به إلا رحمن اليمامة وهو : عدوّ الله مسيلمة الدجال الكذاب، ولم ينكروا مادلّ عليه من الصفة القائمة به سبحانه وهي:"الرحمة"، حتى جاء هذا الفاجر الشقيّ ففعل مافعل .
ولهذا لما سأله غضب رحمه الله أيّما غضب ، وصار العرق يتصبّب عليه من شدّه ماقاله ذلكم الشقيّ ، وبقي مدة من الزمن وهو كذلك حتى أمر رحمه الله بإخراجه من المسجد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم، خوفا أن يفتن الناس في دينهم ، وتعزيرا له ، وعظة وعبرة لغيره.
وما أحسن ماقاله إسحاق بن راهويه رحمه الله : جمعني وهذا المبتدع –يعني: إبراهيم بن أبي صالح- مجلس الأمير عبد الله ابن طاهر ، فسألني الأمير عن أخبار النـزول فسردتها.
قال ابن أبي صالح: كفرت برب ينـزل من سماء إلى سماء. فقال: آمنت برب يفعل ما يشاء .
وحينئذ يتبيّن لنا جليّا بعد هذا الكلام المختصر الذي هو أشدّ الاختصار والذي يليه أن النابلسي -ومن حذا حذوه من أهل البدع- ليس على سنة النبي صلى الله عليم في باب الأسماء والصفات ، وإنما هو على طريقة أهل البدع والضلال الذين هم من أشرّ الطوائف وأخبثهم في هذا الباب.
ولم يثبت عن سلفنا الصالح أنهم أولّو صفات الباري تعالى أو حرّفوها عن معانيها , بل كلهم مجمعون على معانيها من غير تأويل وقد اشتهر ذلك عنهم حتى تتابع ذكر ذلك عن جماعة من أهل العلم على مرّ الأيام والليالي من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا الحاضر.
ثانيا :
وإليك أخي القارئ بعض كلام أهل العلم المعتبرين في أن التفويض يكون في كيفية صفات الباري لا في الألفاظ والمعاني :
1 ـ سئل الإمام أبو حنيفة رحمه الله عن نزول الرب جل وعلا فقال : ينزل بلا كيف.[11]
2 ـ قال الأوزاعي رحمه الله : كنا والتابعون متوافرون نقول إن الله عز وجل فوق عرشه ونؤمن بما ورد في السنة من صفاته.[12]
3 ـ قال سفيان بن عيينة رحمه الله : كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره لا كيف ولا مثل.[13]
4 ـ قال الإمام حماد بن بي حنيفة : قلنا لهؤلاء: أرأيتم قول الله عز وجل :(وجاء ربك والملك صفاً صفا) ؟
قالوا: أما الملائكة فيجيئون صفاً صفاً ،وأما الرب فإنا لا ندري ما عني بذلك؟ ، ولا ندري كيف مجيئة؟ .
فقلت لهم: إنا لم نكلّفكم أن تعلموا كيف جيئته ،ولكنا نكلفكم أن تؤمنوا بمجيئة ، أرأيتم إن أنكر أن الملائكة تجيء صفاً صفا ما هو عندكم!؟
قالوا: كافر مكذّب.
قلت: فكذلك من أنكر أن الله سبحانه يجيء ،فهو كافر مكذب.[14]
5 ـ قال الإمام الشافعي رحمه الله : القول في السنة التي أنا عليها ، ورأيت عليها الذين رأيتهم مثل مالك وسفيان وغيرهما ، ... وأن الله على عرشه في سمائه يقرب من خلفه كيف يشاء ، وينزل إلى السماء الدنيا كيف يشاء ... وذكر سائر الاعتقاد.[15]
6 ـ وعن الوليد بن مسلم رحمه الله قال: سألت سفيان والأوزعي ومالك بن أنس والليث بن سعد عن هذه الأحاديث فقالوا: نمّرها كما جاءت.
7 ـ قال الإمام أبو عيسى الترمذي -معلقا على حديث :إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها- : قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبهه من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا قالوا : قد ثبتت الروايات في هذا ونؤمن به ولا نتوهم ولا نقول كيف ؟ هكذا روى عن مالك وابن عيينة وابن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف ، وهذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة.[16]
8 ـ قال الإمام أبو الحسن الأشعري .رحمه الله ( جملة ما عليه أهل الحديث والسنة الإقرار ...ثم قال وما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يردون من ذلك شيئاً .... ثم قال وأن الله سبحانه على عرشه كما قال {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] وأن له يدين بلا كيف ، كما قال {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [صّ: من الآية75]، وكما قال {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: من الآية64] ، وأن له وجها كما قال {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} [الرحمن:27] ، ....
ثم قال رحمه الله : ويقرون أن الله سبحانه يجيء يوم القيامة كما قال {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} [الفجر:22}[17]
9 ـ قال يحيى بن معين رحمه الله : إذا سمعت الجهمي يقول : أنا أكفر برب ينزل. فقل : أنا أؤمن برب يفعل ما يريد.[18]
10 ـ قال الحافظ أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني(449) (إن أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة يعرفون ربهم تبارك وتعالى بصفاته التي نطق بها كتابه وتنزيله وشهد له بها رسوله على ما وردت به الأخبار الصحاح ونقله العدول الثقات ولا يعتقدون تشبيها لصفاته بصفات خلقه ولا يكيفونها تكييف المشبهة ولا يحرّفون الكلم عن مواضعه تحريف المعتزلة والجهمية فيقولون إنه خلق آدم بيده كما نص سبحانه عليه في قوله عز من قائل: {يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي}[19]
11 ـ قال ابن قدامه رحمه الله –معلقا على كلام الصابوني- : وذكر الصابوني الفقهاء السبعة ومن بعدهم من الأئمة وسمي خلقاً كثيراً من الأئمة وقال : كلهم متفقون لم يخالف بعضهم بعضا ولم يثبت عن واحد منهم ما يضاد ما ذكرناه.[20]
12 ـ قال أبو بكر الخلال رحمه الله : هذا في أحاديث الصفات وهو مذهب السلف إثبات حقيقتها ونفي علم الكيفية.اهـ
13ـ قال الإمام الطحاوي : نمرها كما جاءت ونؤمن بها ولا نقول كيف وكيف.[21]


قال محمد راتب النابلسي عفا الله عنه : "وإذا قلنا: يدُ الله، أي قُدْرَتُه، وإذا قلنا: وجاء ربّك، أي وجاء أمْر ربِّك، وهكذا نُؤوِّل بما يليق بِكمال الله تعالى".

قلت : قول محمد راتب النابلسي هو عين عقيدة أهل البدع والضلال ،وذلك أنه أوّل صفة يد الله تعالى بالقدرة ،وحرف معناها ، وهكذا أولّ وحرّف نزول الرب تبارك وتعالى ليفصل يوم القضاء بين عباده، ، فصرف النصوص الشرعية في صفات الله تعالى عن ظاهرها مخالف لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ومخالف لما كان عليه الصحب الكرام ، ومخالف لما كان عليه أئمة الإسلام ، وهو من الإلحاد في الأسماء والصفات قال تعالى :{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه} الآية [الأعراف:180 ].
فعقيدة أهل السنة في باب الأسماء والصفات لا يؤوّلون صفات الله تعالى،ويحرّفونها عن معانيها ، وإنما يؤمنون بما جاء في كتاب الله عز وجل ، وبما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويُمرّون آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.
قال الآجري رحمه الله : ويقال للجهمي الذي ينكر أن الله عز وجل خلق آدم بيده: كفرت بالقرآن ورددت السنة، وخالفت الأمة".[22]
قال ابن عبد البر رحمه الله : أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها ، وحملها على الحقيقة لا على المجاز ، إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ، ولا يحدون فيه صفة محصورة ، وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ، ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة.[23]
الأدلة الشرعية في إثباب صفة اليدين لله تعالى :
الذي عليه أهل السنة والجماعة إثبات صفة اليد لله تعالى؛ إثباتا بلا تمثيل، وتنزيها بلا تحريف ولا تعطيل، والأدلة على ذلك كثيرة في الكتاب والسنة كثيرة جدا منها :
أما الكتاب :
فقول الله تعالى: { وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء } [المائدة :64] .
وقوله تعالى: { قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ } [ص: 75].
وقوله تعالى: { إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم } [سورة الفتح، آية: 10] .
وقوله تعالى: { قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير } [آل عمران:26].
وقوله تعالى: { قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم } [ آل عمران : 69-74 ] .
وقوله تعالى: { وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه } . (الزمر:67)
وقوله تعالى :(وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ) [ الزمر : 67 ]
الأدلة من السنة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يقبض الله تبارك وتعالى الأرض يوم القيامة ، ويطوي السماء بيمينه ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض.[24]
وعن عبد الله بن عمرو بن رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذي يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولّوا.[25]
وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعا : أول ما خلق الله تعالى القلم ، فأخذه بيمينه ، وكلتا يديه يمين.[26]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : لما خلق الله آدم ، ونفخ فيه من روحه ؛ قال بيده وهما مقبوضتان : خذ أيها شئت يا آدم ، فقال : اخترت يمين ربي ، وكلتا يداه يمين مباركة ، ثم بسطها.....[27]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لما خلق الله آدم و نفخ فيه الروح عطس فقال : الحمد لله فحمد الله بإذنه فقال له ربه : يرحمك الله يا آدم ! اذهب إلى أولئك الملائكة إلى ملأ منهم جلوس فقل : السلام عليكم قالوا : و عليك السلام و رحمة الله ثم رجع إلى ربه فقال : إن هذه تحيتك و تحية بنيك بينهم فقال الله له و يداه مقبوضتان : اختر أيهما شئت قال : اخترت يمين ربي و كلتا يدي ربي يمين مباركة ثم بسطها فإذا فيها آدم و ذريته فقال أي رب ! ما هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك فإذا كل إنسان مكتوب عمره بين عينيه فإذا فيهم رجل أضوؤهم أو من أضوئهم قال : يا رب من هذا ؟ قال : هذا ابنك داود و قد كتبت له عمر أربعين سنة قال يا رب زد في عمره قال : ذاك الذي كتبت له قال : أي رب فإني قد جعلت له من عمري ستين سنة قال : أنت و ذاك ثم أسكن الجنة ما شاء الله ثم أهبط منها فكان آدم يعد لنفسه فأتاه ملك الموت فقال له آدم : قد تعجلت قد كتب لي ألف سنة قال بلى و لكنك جعلت لابنك داود ستين سنة فجحد فجحدت ذريته و نسي فنسيت ذريته فمن يومئذ أمر بالكتاب والشهود .[28]
وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين رجال ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغشى بياض وجوههم نظر الناظرين يغبطهم النبيون والشهداء بمقعدهم وقربهم من الله عز وجل .
قيل يا رسول الله من هم قال هم جماع من نوازع القبائل يجتمعون على ذكر الله فينتقون أطايب الكلام كما ينتقي آكل التمر أطايبه.[29]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم احتج آدم وموسى فقال موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة فقال له آدم أنت موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم فحج آدم موسى فحج آدم موسى.[30]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في دعوة فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة وقال أنا سيد القوم يوم القيامة هل تدرون بم يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي وتدنو منهم الشمس فيقول بعض الناس ألا ترون إلى ما أنتم فيه إلى ما بلغكم ألا تنظرون إلى من يشفع لكم إلى ربكم فيقول بعض الناس أبوكم آدم فيأتونه فيقولون يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده.....[31]
وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز و جل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها.[32]
فائدة :
ولم يأت دليل صحيح صريح في وصف إحدى يدي الله عز وجل بالشمال أو اليسار ؛ فإننا لا نتعدى قول النبي صلى الله عليه وسلم :" كلتاهما يمين".
وقد سبق أني كتبت مقالا في ذلك عنونته بــ" هل يوصف الله جلّ وعز بأن له إحدى يديه شمال أو يسار " ، وهو منشور في هذا المنتدى المبارك.

الأدلة على إثبات نزول الرب جل جلاله لفصل القضاء بين عباده يوم القيامة:
من الكتاب :

قال عز وجل: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة} (البقرة 210)
وقال تعالى : {وجاء ربك والملك صفا صفا} (الفجر22).
وقال سبحانه: {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك} [الأنعام: 158]
وقال تعالى: {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون } (الزمر: 68-69).
الأدلة من السنة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال أناس: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله ،قال: هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟، قالوا: لا يا رسول الله ،قال: فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك ،يجمع الله الناس ،فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشمس ،ويتبع من كان يعبد القمر ،ويتبع من كان يعبد الطواغيت ،وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها ،فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون ،فيقول: أنا ربكم ،فيقولون: نعوذ بالله منك ،هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا أتانا ربنا عرفناه ،فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون ،فيقول: أنا ربكم ،فيقولون: أنت ربنا ،فيتبعونه، ويضرب جسر جهنم[33].
وفي لفظ : " حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر وغبرات من أهل الكتاب ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب فيقال لليهود ما كنتم تعبدون ؟ قالوا كنا نعبد عزير ابن الله فيقال كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد فما تريدون ؟ قالوا نريد أن تسقينا فيقال اشربوا فيتساقطون في جهنم . ثم يقال للنصارى ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون كنا نعبد المسيح ابن الله فيقال كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد فما تريدون ؟ فيقولون نريد أن تسقينا فيقال اشربوا فيتساقطون حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر فيقال لهم ما يحبسكم وقد ذهب الناس ؟ فيقولون فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم وإنا سمعنا مناديا ينادي ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون وإنما ننتظر ربنا قال فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فلا يكلمه إلا الأنبياء فيقول هل بينكم وبينه آية تعرفونه فيقولون الساق فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم [34]".
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياما أربعين سنة شاخصة أبصارهم ينتظرون فصل القضاء
قال: وينزل الله عز وجل في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي...[35]
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه : عبد الحميد الهضابي.
6/1 / 1438
مكة المكرمة
الحواشي :
[1] ـ قال أبو عبيد القاسم بن سلاّم: " المتبع للسنة كالقابض على الجمر، وهو اليوم عندي أفضل من الضرب بالسيوف في سبيل الله.
[2] ـ ذمّ الكلام " (228).
[3] ـ "فتح الباري " لابن حجر (12/301).
[4] ـ [تاريخ بغداد (12/410)]
[5] ـ شرح القصيدة النونية"لمحمد خليل هراس (1/12)، وانظر:" الجواب الصحيح " لابن تيمية(1/237).
[6] ـ "السير" ( 7/364 )، و"تهذيب الكمال" ( 6/182 ).2
[7] ـ "مجموع الفتاوى "( 28 / 231 - 232 ) .
[8] ـ في "درء التعارض العقل والنقل" لشيخ الإسلام ابن تيمية (1/ 121).
[9] ـ في شرحه للعقيدة الطحاوية - الدرس (04-20) بتاريخ: 1995-02-2
[10] ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (13/309) معقبا على قول مالك في الاستواء:
(وقد تلقى الناس هذا الكلام بالقبول، فليس في أهل السنة من ينكره، وقد بين أن الاستواء معلوم، كما أن سائر ما أخبر به معلوم، ولكن الكيفية لا تعلم ولا يجوز السؤال عنها، لا يقال: كيف استوى ؟ ولم يقل مالك رحمه الله الكيف معدوم، وإنما قال: "الكيف مجهول").
وقد يحرف كلام الإمام مالك عن المعنى الحقيقي فيحمل على أن الاستواء معلوم من حيث اللفظ لا المعنى، وقد أجاب شيخ الإسلام عن ذلك فقال كما في "مجموع الفتاوى" (13/309):
(فإن قيل: معنى قوله: "الاستواء معلوم" أن ورود هذا اللفظ في القرآن معلوم كما قاله بعض أصحابنا الذين يجعلون معرفة معانيها من التأويل الذي استأثر الله بعلمه، قيل: هذا ضعيف، فإن هذا من باب تحصيل الحاصل فإن السائل قد علم أن هذا موجود في القرآن وقد تلا الآية.
وأيضا فلم يقل: ذكر الاستواء في القرآن ولا إخبار الله بالاستواء، وإنما قال: "الاستواء معلوم". فأخبر عن الاسم المفرد أنه معلوم لم يخبر عن الجملة. وأيضا فإنه قال: "والكيف مجهول" ولو أراد ذلك لقال معنى الاستواء مجهول أو تفسير الاستواء مجهول أو بيان الاستواء غير معلوم، فلم ينف إلا العلم بكيفية الاستواء لا العلم بنفس الاستواء).
وقال الذهبي رحمه الله في "العلو" تعليقا على كلام مالك:
(وهو قول أهل السنة قاطبة أن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها، وأن استواءه معلوم كما أخبر في كتابه، وأنه كما يليق به) أ.هـ
[11] ـ انظر :"الإسماء والصفات" للبيهقي (2/380) ، و"عقيدة السلف" للصابوني (ص:59) وغيرهم."
[12] ـ رواه البيهقي في الأسماء والصفات ص 515 ، وقال ابن القيم في "اجتماع الجيوش الإسلامية"(ص : 34) إسناده صحيح .
[13] ـ"» كتاب الصفات" الدارقطني (ص70)
[14] ـ عقيدة السلف"(ص:64 )
[15] ـ "مختصر العلو" للألباني (ص: 176)
[16] ـ جامع الترمذي : 3/24ـ 25 .
[17] ـ مقالات الاشعري( 290ـ295) .
[18] ـ انظر :"شرح الاعتقاد" للالكائي (3/502) ، و"التمهيد" لابن عبد البر (7/151) ،و"الإبانة الكبرى" لابن بطه (3/3/206)
[19] ـ رسالة عقيدة السلف وأصحاب الحديث للحافظ الصابوني ضمن مجموعة الرسائل المنيرية (1/105).
[20] ـ "ذم التأويل" (ص 17 ).
[21] ـ "(شرح السنة"(1/170)
[22] ـ "الشريعة"(ص:170)
[23] ـ "التمهيد" (7/145)
[24] ـ أخرجه البخاري (6519)،ومسلم ( 2787 ).
[25] ـ أخرجه مسلم ( 1827 )
[26] ـ رواه ابن أبي عاصم في ((السنة)) (106) ، والآجري في ((الشريعة)). وصححه الألباني في "الصحيحة"( 3136).
[27] ـ رواه ابن أبي عاصم في السنة (206) ، وابن حبان (6167) ، والحاكم (1/64) وصححه ، وعنه البيهقي في ((الأسماء والصفات)) (2/56) . والحديث حسنه الألباني في تحقيقه لــ"ظلال السنة" (206).
[28] ـ أخرجه الترمذى (5/453 ، رقم 3368) وقال : حسن غريب . والحاكم (1/132 ، رقم 214) وقال : صحيح على شرط مسلم . والبيهقي (10/147 ، رقم 20307)،و
[29] ـ أخرجه الطبراني كما فى الترغيب والترهيب ومجمع الزوائد قال المنذري (2/261) : إسناده مقارب لا بأس به . وقال الهيثمي (10/77) : رجاله موثقون ،وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"( 1508).
[30] ـ أخرجه مسلم (2652).
[31] ـ أخرجه البخاري (3340).
[32] ـ أخرجه مسلم (2759).
[33] ـ أخرجه البخاري (6573).
[34] ـ أخرجه البخاري (7001).
[35] ـ أخرجه الطبراني في "الكبير"(8/340)، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"(3/227)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره واستنّ بسنته إلى يوم الدين ، أما بعد :
فهذه الحلقة الثانية في بيان ضلال وانحراف محمد راتب النابلسي وبعده عن المنهج السلفيّ ، وأنه وافق الجهمية والمعتزلة في غير ما أصل من أصولهم ، وأنه ليس من السنة في شيء وإن ادعى ذلك ، والدعاوى إذا لم يكن لمن ادّعاها بينات وحجج وبراهين ساطعة نيّرة مثل الشمس في رابعة النهار قولا وفعلا فأهلها أدعياء .
وسنبيّن في هذا المقال أن محمد النابلسي على عقيدة الجهمية والمعتزلة والرافضة في هذا الباب ، وذلكم في ردّه لمعظم سنة النبي صلى الله عليه وسلم في باب المسائل العلمية والخبرية، بحجّة أنها أحاديث آحاد. 
وسنبيّن أيضا أنه مخالف في ذلك لكتاب الله تعالى ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومخالف لما كان عليه الصحب الكرام عليهم العفو والغفران.
ومخالف لما أجمع عليه علماء الإسلام على مرّ العصور بدءًا من القرون المفضلة من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا الحاضر ، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، لأن دين الله واحد ، كامل شامل تام ، لا يحتاج زيادة ولا نقصان ،صالح لكل زمان ومكان ، لا يتغيّر ولا يتبدّل.
ولو يدرك محمد النابلسيّ أبعاد ماقرّره واعتقده وبثّه ونشره في عدم الأخذ بأخبار الآحاد في العقيدة ،وما يترتّب عليه من الآثار الخطيرة ، لما ذهب إلى ما ذهب إليه ، لكن الهوى يعمي ويصمّ،لكن كما قال تعالى : { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } [ الحج : 46 ]
وقبل وبعد في حقيقة أمره هدمٌ للشريعة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هنا يدرك القارئ اللبيب سبب وقوع أرباب أهل الأهواء والبدع في عظائم الأمور، فعلى سبيل المثال لا الحصر :
إذا قرع في سمعك أن أهل البدع ينكرون عذاب القبر ، والمسيح الدجال ، ونزول المسيح عيسى عليه الصلاة والسلام ،والصراط ، والميزان ، والحوض ،والشفاعة ونحو ذلك من مسائل الاعتقاد ،ويحتجّون بما قرّره محمد النابلسي فلا تعجب من ذلك ،-وإذا عرف السبب بطل العجب-.
فمحمد متولي الشعراوي القبوري ينكر عذاب القبر، ومحد رشيد رضا ينكر نزول عيسى عليه الصلاة والسلام آخر الزمان ، وهكذا أيضا ينكر خروج المسيح الدجال، ونحو ذلك من ضلالاته.
وهكذا محمد الغزالي الذي ينكر انشقاق القمر ، و تلبّس الجنيّ بالإنسيّ ،و أن دية المرأة على النصف من دية الرجل ونحو ذلك من ضلالته.
وهكذا علي منصور كيالي الذي ينكر عذاب القبر، والصراط ، والميزان ،وينفي وجود يأجوج ومأجوج ، وينكر رؤية الله في الجنة، ونحو ذلك من ضلالته.
ويوسف القرضاوي ينكر المهدي، وهكذا الدجال عدنان إبراهيم الذي ينكر خروج المهدي والمسيح الدجال ، ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان ، ونحو ذلك من ضلالهم وانحرافهم وهكذا من كان على شاكلتهم من أهل البدع والضلال، ولو عددنا ضلالاتهم لطال بنا المقام ،ولأطلنا الكلام والله المستعان ، وعليه التكلان.

قال محمد راتب النابلسي عفا الله عنه : أخطر شيء في حياة المسلم أن تكون بعض معتقداته ضلالاً، أن يتوهم أن هذا الشيء حق، وهو في حقيقته باطل، أن يعتقد أنه صحيح، وهو غير صحيح, لذلك فالعقيدة أخطر شيء في حياة الإنسان، فإن صحت صح عمله، وإن فسدت فسد عمله, والعقيدة لا تؤخذ إلا من كتاب الله، القطعي الثبوت، القطعي الدلالة، ولا تؤخذ إلا مما تواتر من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، العقيدة فقط، والأحكام الشرعية تؤخذ من الأحاديث الآحاد، فأية فكرة ليس لها أصل في كتاب الله، أو ليس لها أصل في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام المتواترة، فهي فكرة ضالة بعيدة عن الواقع )). اهــ
قلت : أولا : 
أشاطرك أيها الدكتور فيما قلته ، وهو أن باب المعتقد من أخطر ما يكون ، كيف لا وهو أعظم من شحمك وعظمك ولحمك كما قاله ابن عمر رضي الله عنهما ، لأن القضية ومافيها وما عليها أمر مصيريّ ، جنة أو نار جهنم وبئس القرار.
فالسلفيّ لا يرضى بدينه بدلاً ، ولا يساوم في دين الله جلّ وعلا أحدا ، ولا يعرضه للمخاطر والمهالك ، فالسلامة لا يعدلها شيء ، والوقاية خير من العلاج ،لأن هذا دين يدين الله به ، فلا يأخذه من كل من هبّ ودبّ ، وإنما يأخذه من أهله.
جاء بشير العدوي إلى ابن عباس رضي الله عنهما وجعل يحدث ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال رسول الله, فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه, فقال : يا ابن عباس مالي لا أراك تسمع لحديثي أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسمع فقال ابن عباس:
إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتَدَرته أبصارنا واصغينا إليه بأذاننا, فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف. 
عن ابن أبي أويس قال: سمعت مالك بن أنس يقول: إن هذا العلم هو لحمك ودمك، وعنه تسأل يوم القيامة فانظر عن من تأخذه
قال ابن سيرين رحمه الله : لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم ،فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم ،وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم.
وقال رحمه الله : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم . [1]
فالمفوض للألفاظ والمعاني في صفات الباري جل جلاله وعظم سلطانه.
والذي يرى عدم حجية خبر الآحاد في باب الاعتقاد.
والذي يرى جواز المولد ويدعو الناس إليه.
والذي يجالس أهل الضلال والانحراف كعائض القرني وسلمان العودة ومحمد العريفي ومن كان على شاكلتهم من أهل الضلال والانحراف.
ونحو ذلك من الرزايا والبلايا والعظائم ، فمن كان هذا حاله لا يعوّل عليه ، ولا يجوز الاستماع والاصغاء إليه ، فضلا أن يُتخّذ قدوة وإماما يقتدى به ، ويكون محطّة للرجوع إليه ، فلا وألف لا.
ثانيا :
ما قاله النابلسي من الفجور هو عين عقيدة المعتزلة والجهمية ومن حذا حذوهم من أهل البدع والضلال كما سنبيّن ذلك بمشيئة الله.
قال ابن عبد البر رحمه الله :أجمع أهل العلم من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل وإيجاب العمل به إلا الخوارج وطوائف من أهل البدع .
ثالثا :
ومن أين لك التفريق بين المسائل العقدية ، والمسائل الفقهية في عدم حجيّة أحاديث الآحاد ؟
لم يعرف عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدم الأخذ بخبر الواحد ، وإنما عرف ذلك عن أعداء السنة من أهل البدع والضلال من الجهمية والمعتزلة والرافضة ومن حذا حذوهم ومضى على دربهم من أهل الأهواء والضلال.
وسنذكر جملة في ثنايا هذا المقال أو الذي يليه من الآثار والأخبار عن الصحب الكرام رضي الله عنهم في قبولهم وأخذهم بخبر الواحد خلافا للجهمية والمعتزلة والرافضة والنابلسي عفا الله عنه.
قال النووي رحمه الله: ولم تزل الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة فمن بعدهم من السلف والخلف على امتثال خبر الواحد.[2]
قال الخطيب البغدادي رحمه الله : فمن أقوى الأدلة على ذلك ما ظهر واشتهر عن الصحابة من العمل بخبر الواحد.. وعلى خبر الواحد كان كافة التابعين ومن بعدهم من الفقهاء الخالفين في سائر أمصارنا الى وقتنا هذا ولم يبلغنا عن احد منهم انكار لذلك ولا اعتراض عليه.[3]
رابعا :
هذا تناقض بيّن ، وأمرعجيب ، ومسلك وخيم ،حيث أن محمد النابلسي قرّر أن أخبار الأحاد لا تقبل في مجال العقيدة ، وتقبل في مجال الشريعة-أي:الأحكام الشرعية- .
ويقال له ولأمثاله : إما أن تكون أحاديث الآحاد مشكوك فيها وباطلة ، فتطرح كلها وهذا من أبطل الباطل ، وإما أن تكون صحيحة مقبولة فيؤخذ بها كلّها وهو الحق الذي يجب أن يقرّره من يحترم سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
خامسا :
حديث الآحاد : هو مالم تجتمع فيه شروط التّواتر ، وينقسم إلى ثلاثة أقسام :
1 ـ مشهور : ما رواه ثلاثة فصاعدا في كل طبقة ، ولم يصل حّد التواتر.
2 ـ عزيز : مالا يرويه أقل من اثنين في جميع الطبقات.
3 ـ غريب : هو ما ينفرد بروايته راو واحد، إما في كل طبقة من طبقات السند، أو في بعضها .[4]
الشاهد : أن هذا التقسيم الثلاثي كلّه يدخل ضمنا ، ويدخل دخولا أوليا في خبر الآحاد ,لا كما يظنه البعض أن خبر الآحاد هو : الذي انفرد به راو واحد ، إذ هو قسم من أقسامه لا غير، فتنبّه وانتبه، وإلا لو كان كذلك ، محمد النابلسي لا يقبل كلامه ابتداء في دروسه في العقيدة، حيث أنه واحد ويخبر عن أمور في الاعتقاد وفي الأمور الغيبية ، فبناء على ما قرّره من عقيدة التجهّم والاعتزال لا يجوز الأخذ عنه-وهو كذلك- ، لأنه شخص واحد.
والسؤال الصحيح الذي يحتاج إلى جواب صريح من محمد النابلسي ،ومن كان على شاكلته ،وسلك مسلكه ،وهو :
أن أغلب سنة النبي صلى الله عليه وسلم أخبار آحاد بالنسبة للمتواتر لفظا بل حتى معنى، حتى قال بعض العلماء لا يوجد خبر متواتر إلا أربعة أحاديث، بل قال ابن الصلاح رحمه الله : إنه لا يوجد متواتر إلا حديث : "من كذب علي متعمداً".[5]
الشاهد : فماذا حكم ردّها وعدم قبولها واعتبار حجيّتها في المسائل العلمية الخبرية ، والأمور الغيبية ؟؟؟
ومن هنا يتبيّن لنا جليّا وضوحا بيّنا ظاهرا خطورة ما يقرّره النابلسي ويدعو الناس إليه وهو باختصار : هدم السنة –شاء أم أبى-، إذ هدم أغلبها في حقيقة أمره هدم لها بدءًا من أولّ حديث في صحيحي الإمام البخاري وتلميذه الإمام مسلم رحمهما الله ،وهو الحديث المشهور بــ :"إنما الأعمال بالنيات ...."، على اختلاف ألفاظه. 
سادسا :
قرّر النابلسي وغيره من أهل الأهواء أن أحاديث الآحاد لا تقبل في باب الاعتقاد لأنها تفيد الظنّ، والظن في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم له عدّة معان مختلفة منها : مايراد به المدح ، ومنها مايراد به الذمّ .
"وقد وردت مادة "ظن" في القرآن الكريم في نحو ستين موضعاً، نصفها ورد كـ (اسم)، نحو قوله تعالى: {إن يتبعون إلا الظن} (الأنعام:116)، ونصفها الآخر ورد كـ (فعل)، مثل قوله سبحانه: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم} (البقرة:46).
ثم إن لفظ "الظن" في القرآن الكريم ورد على عدة معان:
الأول: بمعنى اليقين، ورد على هذا المعنى في مواضع عديدة، منها قوله تعالى: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم}، قال أبو حيان: "معناه: يوقنون، قاله الجمهور؛ لأن من وصف بالخشوع لا يشك أنه ملاق ربه، ويؤيده أن في مصحف عبد الله بن مسعود: الذين يعلمون". وقال ابن كثير في معنى الآية: "يعلمون أنهم محشورون إليه يوم القيامة، معروضون عليه، وأنهم إليه راجعون".
ونحو هذا قوله تعالى: {وإنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض} (الجن:12)، قال القرطبي: "الظن هنا بمعنى العلم واليقين ". وبحسب هذا المعنى يُفهم قوله تعالى: {إني ظننت أني ملاق حسابيه} (الحاقة:20)؛ وقوله سبحانه: {وظن أنه الفراق} (القيامة:2 .
قال الطبري ما معناه: العرب قد تسمي اليقين ظناً، والشك ظنًا، نظير تسميتهم المغيث صارخاً، والمستغيث صارخًا... قال: والشواهد من أشعار العرب وكلامها على أن الظن في معنى اليقين، أكثر من أن تحصر.
الثاني: بمعنى الشك، من ذلك قوله عز وجل: {وإن هم إلا يظنون} (البقرة:7، قال أبو حيان بعد أن نقل أقوالاً في معنى (الظن) هنا: "وقال آخرون: يشكون".
والمتأمل في الآيات التي ورد فيها (الظن) على معنى (اليقين)، أو الآيات التي ورد فيها (الظن) على معنى الشك، يجد أن الحمل على أحد المعنيين مستفاد من المعنى الكلي للآيات، وليس بمقتضى الوضع اللغوي؛ فقوله تعالى: {إني ظننت أني ملاق حسابيه}، لا يستقيم أن يفسر (الظن) هنا بمعنى الشك، أو العلم الذي لا يفيد اليقين؛ وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله: {إني ظننت أني ملاق حسابيه}، يقول: أيقنت. ويكون المعنى: أنه ما نجا إلا بخوفه من يوم الحساب، لأنه تيقن أن الله يحاسبه، فعمل للآخرة. 
الثالث: بمعنى التهمة، ومنه قوله تعالى: {الظانين بالله ظن السوء} (الفتح:6)، قال ابن كثير: "أي: يتهمون الله في حكمه". وعلى هذا المعنى قرئ قوله تعالى: {وما هو على الغيب بظنين} (سورة التكوير:24)، بـ (الظاء)، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي؛ والمعنى: وما محمد صلى الله عليه وسلم على ما أنزله الله إليه بمتهم. وقد رجح الآلوسي هذه القراءة، من جهة أنها أنسب بالمقام؛ لاتهام الكفرة له صلى الله عليه وسلم، ونفي (التهمة) أولى من نفي (البخل). ومن قرأها بـ (الضاد)، وهم الجمهور، فمعناها: وما محمد صلى الله عليه وسلم ببخيل، بل يبذل ما أعطاه الله لكل أحد. 
الرابع: بمعنى الوهم والتوهم، ومنه قوله سبحانه: {إن نظن إلا ظنا} (الجاثية:32)، قال ابن كثير: "أي: إن نتوهم وقوعها إلا توهماً، أي: مرجوحاً". وقال الخازن: " أي ما نعلم ذلك إلا حدساً وتوهماً"؛ وعلى هذا المعنى يُحمل قوله تعالى: {وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه} (الأنبياء:87)، قال الراغب: "الأولى: أن يكون من الظن الذي هو التوهم، أي: ظن أن لن نضيِّق عليه"، وهو قول كثير من العلماء في معنى الآية. ويكون معنى {نقدر}، من (القَدْر) الذي هو المنع والتضيق، كقوله تعالى: {ومن قدر عليه رزقه} (الطلاق:7)، وليس من (القدرة)؛ لاختلال المعنى؛ إذ لا يليق بالأنبياء - فضلاً عن غيرهم من البشر - أن يظنوا أن الله غير قادر عليهم. 
الخامس: بمعنى الحسبان، ومنه قوله تعالى: {وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا} (الجن:5)، قال الطبري: "قالوا: وأنا حسبنا أن لن تقول بنو آدم والجن على الله كذباً من القول ". وقال ابن كثير: "أي: ما حسبنا أن الإنس والجن يتمالؤون على الكذب على الله في نسبة الصاحبة والولد إليه".
السادس: الاعتقاد الخاطئ، كما في قوله تعالى: {فما ظنكم برب العالمين} (الصافات:87)، قال ابن عاشور : "أريد بالظن: الاعتقاد الخطأ؛ والمعنى: أن اعتقادكم في جانب رب العالمين جهل منكر". ومن هذا القبيل قوله سبحانه: {إن بعض الظن إثم} (الحجرات:12)، وقوله تعالى: {إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون} (الأنعام:116)، وقوله عز وجل: {إن الظن لا يغني من الحق شيئا} (يونس:36). وقد ذكر ابن عاشور أن "الظن كثر إطلاقه في القرآن والسنة على العلم المخطئ، أو الجهل المركب، والتخيلات الباطلة."[6]
الشاهد :
ماذا يريد النابلسي من تقريره أن أغلب سنة النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤخذ بها في العقيدة بحجة أنها من أخبار آحاد ؟؟
فأي نوع من أقسام الظن الذي يريده النابلسي ؟
وما أحسن ماقاله العلامة الألباني رحمه الله في الردّ فيما قرره النابلسي ودعا الناس إليه ،حيث قال رحمه الله : لقد عرضت لهم شبهة ثم صارت لديهم عقيدة، وهي أنَّ حجيث الآحاد لا يُفيد إلا الظن، ويعنون به الظن الراجح طبعاً. والظن الراجح يجب العمل به في الأحكام اتفاقاً، ولا يجوز الأخذ به عندهم في الأخبار الغيبية والمسائل العلمية، وهي المراد بالعقيدة. ونحن لو سلَّمْنا لهم جدلاً بقولهم "إنَّ حديث الآحاد لا يفيد إلا الظن" على إطلاقه؛ فإنَّا نسألهم: مِن أين لكم هذا التفريق؟ وما الدليل على أنه لا يجوز الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة؟
لقد رأينا بعض المعاصرين يستدلُّون على ذلك بقوله تعالى: ï´؟إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُï´¾ [سورة النجم – الآية 23]، وبقوله سبحانه: ï´؟إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّï´¾ [سورة النجم – الآية 28]، ونحو ذلك مِن الآيات التي يذُم الله تعالى فيها المشركين على اتباعهم الظن. وفات هؤلاء المستدلين أن الظن المذكور في هذه الآيات ليس المراد به الظن الغالِب الذي يفيده خبر الآحاد والواجب الأخذ به اتفاقاً، وإنما هو الشك الذي هو الخرص. فقد جاء في "النهاية" و"اللسان" وغيرهما من كُتُب اللغة: (("الظن": الشك يعرِض لك في الشيء فتحققه وتحكم به)).
فهذا هو الظن الذي نعاه الله تعالى على المشركين، ومما يؤيد ذلك قوله تعالى فيهم: ï´؟إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَï´¾ [سورة يونُس – الآية 66]، فجعل الظن هو الخرص الذي هو مجرد الحرز والتخمين.
ولو كان الظن المنعي على المشركين في هذه الآيات هو الظن الغالِب – كما زعم أولئك المستدلون – لم يجُز الأخذ به في الأحكام أيضاً، وذلك لسببين اثنين:
الأول: أنَّ الله أنكره عليهم إنكاراً مطلقاً، ولم يخصه بالعقيدة دون الأحكام.
الآخر: أنه تعالى صرَّح في بعض الآيات أنَّ الظن الذي أنكره على المشركين يشمل القول به في الأحكام أيضاً، فاسمع قوله تعالى الصريح في ذلك: ï´؟سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَاï´¾ (فهذا عقيدة) ï´؟وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍï´¾ (وهذا حُكم) ï´؟كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَï´¾ [سورة الأنعام – الآية 148]، ويفسرها قوله تعالى: ï´؟قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَـزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَï´¾ [سورة الأعراف – الآية 33].
فثبت مما تقدَّم أنَّ الظن الذي لا يجوز الأخذ به إنما هو الظن اللغوي المرادف للخرص والتخمين، والقول بغير عِلم، وأنه يُحَرَّم الأخذ به في الأحكام كما يُحَرَّم الأخذ به في العقائد، ولا فرق.
وإذا كان الأمر كذلك فقد سلم لنا القول المتقدم: إنَّ كل الآيات والأحاديث المتقدمة الدالَّة على وجوب الأخذ بحديث الآحاد في الأحكام، تدُل أيضاً بعمومها وشمولها على وجوب الأخذ به في العقائد أيضاً. والحق أنَّ التفريق بين العقيدة والأحكام في وجوب الأخذ فيها بحديث الآحاد فلسفة دخيلة في الإسلام، لا يعرفها السلف الصالح ولا الأئمة الأربعة الذي يقلدهم جماهير المسلمين في العصر الحاضر.[7]
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه : عبد الحميد الهضابي.
05 / 06 / 1438

[1] ـ صحيح الإمام مسلم 1/ 13.
[2] ـ "شرح صحيح مسلم (1/130)
[3] ـ " - الكفاية (ص: 31)
[4] ـ انظر : "مصطلح الحديث" (ص: 6- لابن عثيمين .
[5] ـ 
وذهب ابن حبان رحمه الله إلى عدم وجود المتواتر - اللفظي – في الحديث النبوي ..وقال ابن الصلاح إلى أن المتاةتر اللفظي يندر وجوده .
وذهب الحافظان العراقي وابن حجر وغيرهما إلى وجود المتواتر لفظا أو معنى موجود بكثرة ،وقد ردّ ابن حجر على هذا القول بقوله :وما ادعاه - يعنى بن الصلاح - من عزة المتواتر ممنوع وكذا ما ادعاه غيره من العدم به، لأن ذلك نشأ عن قلة الإطلاع على كثرة الطرق وأحوال الرجال وصفاتهم المقتضية لإبعاد العادة أن يتواطؤا على الكذب أو يحصل منهم اتفاقا، ومن أحسن ما يقرر به كون المتواتر موجودا وجود كثرة في الأحاديث أن الكتب المشهورة المتداولة بأيدي أهل العلم شرقا وغربا المقطوع عندهم بصحة نسبتها إلى مصنفيها إذا اجتمعت على إخراج حديث وتعددت طرقه تعدداً تحيل العادة تواطؤهم على الكذب إلى آخر الشروط أفاد العلم اليقيني بصحته إلى قائله ومثل ذلك في الكتب المشهورة كثير).
[6] ـ ما بين المعكوفتين نقلته من مقال معنون بـــ"لفظ (الظن) في القرآن",
[7] ـ " الحديث حُجَّة بنفسه في العقائد والأحكام"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق