غلو أتباع حسن البنا فيه
ومع هذا الانحراف العظيم الذي كان عليه حسن البنا فقد غلا فيه الإخوان المسلمون غلواً عظيماً.
فقال عمر التلمساني عند ذكره لمقتل حسن البنا:
(( وكف القلب المعلق بالعرش عن النبض في هذه الحياة لينبض في مقعد صدق عند مليك مقتدر )).
انظر [حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه] ص (44) لجابر رزق.
قلت: تأمل في هذا الغلو كيف جرهم إلى الخوض في أمر غيبي لا يدرك إلاَّ عن طريق الوحي فما يدريك يا تلمساني أنّ حسن البنا في مقعد صدق عند مليك مقتدر ألك في ذلك وحيٌ ؟!! فإن كان فإنما هو من الشيطان الرجيم.
وليس هذا بغريب عن الإخوان المسلمين فحين مات أحمد ياسين وصفوه بشيخ الشهداء مضاهاة لحمزة رضي الله عنه سيد الشهداء، فلم يكتفوا أن يصفوه بالشهادة على سبيل التعيين وذلك لا يجوز حتى غلوا فيه وقالوا: شيخ الشهداء.
وذكر أحد خطبائهم أنه لما مات أعلنت الملائكة في السماء حالة الطوارئ.
وفي الحقيقة أنهم ذموه بهذا الغلو وإن قصدوا أن يمدحوه به, وذلك أن إعلان حالة الطوارئ لا يكون إلاَّ من ضرر وشر وخطر وبلاء قادم وأما أرواح المؤمنين فإن الملائكة يستبشرون بقدومها ويودون أن تعرج من جهتهم.
وقال كامل شافعي الإخواني مغالياً في حسن البنا: (( لقد كنت أقبل يديه وأشعر حين تقبيلها أنني أعبد الله )).
انظر [حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه ]ص (156).
قلت: هذا غلو مقيت وبدعة في الدين ولم يشرع التقبيل لشئ من الأشياء بنية العبادة إلاَّ للحجر الأسود.
وقال صالح عشماوي في قصيدة مدح بها حسناً البنا:
(( قد كنت أوثر أن تقول رثائي يامنصف الموتى من الأحياء )).
وقال: (( رحم الله حسن البنا فقد كان فلتة من فلتات الطبيعة قلما تجود الزمان بمثله وهو لم يمت بل حي عند ربه يرزق )).
انظر [حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه] ص (60).
أقول: لقد تجاوزت طورك يا عشماوي في هذا الثناء فو الله لا يقبل منك هذا الثناء في رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو خير الخلق وسيد ولد آدم صاحب المقام المحمود فكيف يقبل منك ذلك في حسن البنا!!.
فإن هذا المدح وهو قولك: (( يا منصف الموتى من الأحياء)) لا يصح أن يوصف به غير رب العالمين سبحانه وتعالى.
وكذلك قولك في حسن: (( فلتة من فلتات الطبيعة )). لا يجوز مثل هذا التعبير فإن الخلق والإيجاد لا ينسب إلى الطبيعة وإنما لرب العالمين سبحانه وتعالى.
وكذلك قولك في حسن: (( وهو لم يمت بل حي عند ربه يرزق )) رجم منك بالغيب فإن هذا لا يعلم إلاَّ بوحي وقد انقطع الوحي بموت النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال عبد الرحمن البنا: (( وكان يهيأ لكل شيء، ويعد لكل ظرف، ويصنع على عين ربانية، وتحيطه هالة محمدية )).
انظر [حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه] لجابر رزق: ص (71) .
وقال شاعرهم: (( زاخر الأعمـاق بالإ يمـــان في دعوته
منكر الذات حكيـ ـم السير في وجهته
طــبُ أرواحٍ فلا تخفى عـليه خافيِه )).
انظر [حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه] لجابر رزق: ص (91).
تأمل في قول هذا الشاعر الاخواني مغالياً في حسن البنا:
(( طــبُ أرواحٍ فلا تخفى عـليه خافيِة ))
كيف أنه وصفه بما لا يليق أن يوصف به غير الله سبحانه وتعالى فهو طب القلوب وهو الذي لا تخفى عليه خافية فقبح الله هذا الغلو وقد قال سبحانه وتعالى:** وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}
وقال محمد شلبي الإخواني أحد طلاب البنا في كتابه [ حسن البنا إمام وقائد] ص (10): (( ويحضرني في هذا المقام قول إحدى كريماته ساعة تشييع الجنازة: يا أبت إن كانت الحكومة قد حالت دون أن يشترك أحد في تشييع جنازتك، فإني أحس أن الملائكة تشيعك معنا )).
ونقل في كتابه هذا ص (14) عن محمد الغزالي ـ وهو أحد تلاميذ البنا ـ أنه قال: (( إن حسن البنا استفاد من تجارب القادة الذين سبقوه، وجمع الله في شخصه مواهب تفرقت في أناس كثيرين، كان مدمناً لقراءة القرآن يتلوه بصوت رخيم، وكان يحسن تفسيره كأنه "الطبري" أو "القرطبي" ...)).
وقال ص (46-47): (( وقال الشيخ أبو الحسن الندوي: "الإخوان المسلمون لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبعضهم إلا منافق".
وشّبه الشيخ أبو حسن الندوي مقتل الإمام الشهيد حسن البنا بعقر ناقة سيدنا صالح، فكما أن عقر الناقة جلب على ثمود عذاب الله لهم بالطاغية، فإن مقتل الإمام الشهيد حسن البنا قد يجلب على المسلمين عامة وأهل مصر خاصة الويلات والمصائب والنكبات )).
وقال سعيد حوى في كتابه [المدخل إلى دعوة الإخوان المسلمين] ص (179): (( إن نقطة البداية في الثقة المطلقة بالإسلام ترجع إلى الثقة بشخص الرسول صلى الله عليه وسلم، ونقطة البداية في الثقة بدعوة الإخوان المسلمين ترجع إلى الثقة بشخص حسن البنا رحمه الله، ولقد أخذت هذه الثقة ورضعناها عمن هم أمثال الجبال في الثقة منهم شيخنا محمد الحامد رحمه الله الذي كان يعتبر حسن البنا مجدد القرون السبعة الماضية وليس مجدداً لقرن واحد )).
قلت: هذا غلو له قرنان وإطراء شبيه بالهذيان ويظهر هذا في أمرين:
الأول: الثقة المطلقة بحسن البنا وهذا غلو أشبه ما يكون بغلو الرافضة في أئمتهم.
الآخر: جعل حسن البنا مجدداً لسبعة قرون ماضية أي منذ زمن شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه كابن القيم وابن رجب والذهبي وابن كثير وابن عبد الهادي وابن مفلح إلى زمن حسن البنا، فشيخ الإسلام وتلاميذه ليسوا من المجددين في نظر سعيد حوى وشيخه، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه أيضاً ليس لهم أدنى نصيب من التجديد في نظرهما.
وإنما فاز بالتجديد خلال هذا القرون المتتابعة حسن البنا.
ومن جملة تجديدات هذا الرجل:
1- دعوته إلى التصوف.
2- دعوته إلى وحدة الأديان.
3- دعوته إلى تفويض الصفات.
4- دعوته إلى التقريب بين السنة والشيعة.
5- دعوته إلى النظام الاشتراكي.
6- دعوته إلى النظام الديمقراطي.
وغيرها كثير وقد سبق مناقشتها ومناقشة غيرها فيما تقدم. هذه هي تجديدات هذا الرجل، جدد ما كان مندحراً وميتاً من البدع والضلالات والانحرافات فأحياها بعد موتها وأيقظها بعد نومها.
فيا معشر الإخوان المسلمين أمثل هذا الرجل يستحق التبجيل والتعظيم
والإطراء بالألقاب البّراقة أم يستحق التحذير والتشهير ؟!!!.
لقد تكلم علماؤنا المتقدمون في قوم من أهل البدع وحذروا منهم غاية التحذير وما بلغوا معشار ما بلغ إليه هذا الرجل من الانحراف لكن هكذا الأهواء تفعل بأصحابها {وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ }.[ النحل : 9].
فمتى يستيقظ الناس من غفلتهم ويرجعوا إلى دينهم ويسيروا على سنة نبيهم ويميزوا الحق من الباطل, والمليء من العاطل, والخبيث من الطيب, أسأل الله عز وجل أن يجعل ذلك قريباً.
وليس هذا بآخر ما عند هذا الرجل من الانحراف بل له من الانحراف في العقيدة وغيرها الشيء الكثير، ولم يكن مقصودي هو الاستيعاب والاستقصاء فإنّ ذلك يطول جداً، وإنما مقصودي ذكر بعض الأخطاء التي يتبين من خلالها انحراف هؤلاء القادة عن عقيدة المسلمين التي هي عقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم واقتفى آثارهم إلى يوم الدين. وهي عقيدة مبنية على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيما ذكرناه وأوردناه مقنع لكل منصف مريد للحق، وأما أهل الهوى والعناد فليس لنا عليهم من سبيل فقد قال سلفهم المتقدمون: {وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } [الأعراف : 132] . منقـــــــــــــــــــــــــــــــول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق